في يوم ما واثناء التفكر في مراحل خلق الانسان ودورة حياته وتحولاته تخيلت الحوار التالي يدور بيني وبين جنين في بطن امه:
انا اقول للجنين: كيف حالك وكيف تعيش وتاكل وتنام وبماذا تفكر وماذا يشغل بالك وما هي احلاملك؟
الجنين: يا سلام انا اعيش في ترف وامان بالغ في بطن امي ولا احتاج شيء ولا يهمني ولا يشغلني شيء.
انا: وكيف ذلك؟
الجنين: ياتيني طعامي جاهزا لا اتعب في الحصول عليه فانا اخذه مباشرة من امي ولا ادري كيف تحصل عليه هي ولكني لا اشعر بالجوع ولا بالعطش ولا البرد ولا اخاف شيئا وانام على مخدات ناعمه واسبح طوال الوقت ولا يشغلني شيء ابد فانا اعيش في الجنه ولا اظن ان هناك مكان افضل من مكاني هذا.
انا: وهل تعلم لماذا خلق الله لك يدين ورجلين وعينين وانف وفم ولسان وخلقك على هذه الشاكله؟
الجنين: في الحقيقه لا ادري ما هي الفائده من هذه الاعضاء ولكنه يعجبني شكلها وتناسقها ولا احتاجها ولا اظن اني ساحتاجها يوما ما.
انا:لدي خبر لك قد لا يعجبك وقد لاتحبه ولكني متاكد تماما من صحته، يا صديقي لن تدوم هذه الحال كثيرا.
الجنين: يا لطيف…. ماذا تقول؟ انا احب ان ابقى كما انا فانا تعودت على هذه الحياه ولا اظن ان هناك حياه غير هذه الحياه يمكن ان اعيشها.
انا: بعد شهور قليله سوف تخرج من بطن امك!
الجنين: وقد قطب حاجبيه وتغيرت ملامحه وظهر عليه الانفعال والقلق …. الى اين؟
انا: سوف تخرج من بطن امك وتنفصل عنها تماما وسيتم قطع الحبل الذي يربطك بها.
الجنين وفي حزن شديد: اذن هو الموت! فكيف ساعيش بدونها فهي كل حياتي ….. انا لا اصدق ما تقول…. طبعا انت تسخر مني ! هل عندك دليل على صدق مقولتك وخبرك؟
انا: نعم عندي دليل …. فانا كنت مثلك وفي مكان كمانك يوم ما وها انا ذا واقف امامك اكلمك.
الجنين: هذا مستحيل …. لا يمكن ان اتصور ذلك فانت كبير الحجم ولا يتسعك المكان.
انا: بعد ان تنفصل عن امك سوف تتنفس الهواء من انفك وسوف ترضعك امك من صدرها حليبا دافئا وسوف تمتص انت الحليب بفمك ولسانك ويدخل الى جوفك وهذا هو غذائك وحياتك الجديده.
الجنين: لا يمكن ان اتصور حدوث هذا الامر وكلامك اقرب الى الخيال وانا اشك في حصوله فانا لا اعرف كيف اقوم بهذه الاعمال التي تتكلم عنها.
انا: وبعدها سوف تسمع صوت امك باذنيك وتفتح عينيك لتراها وترى ابوك واخوتك واهلك لاول مره وترى السماء والارض والشمس والعصافير والحيوانات والنباتات والاشجار واشياء كثيره اخرى.
الجنين: بدات احس الان بان كلامك يبتعد كثيرا عن الواقع ويبالغ في الخيال فانا لا اعرف هذه الاشياء التي تتكلم عنها.
انا: هل تعلم بانك سوف تمشي على رجليك على الارض وتنتقل من مكان الى مكان وتمسك بالاشياء وتلعب بها وتبدء باصدار الاصوات من فمك ثم تتكلم وسوف تبرز لك اسنان صلبه في فمك لكي تاكل بها و سوف تذهب الى الحمام كل يوم لتتخلص من فضلات الطعام والشراب لكي تبقى في صحه جيده.
الجنين: انا لم اذهب ولا حتى مره واحده في حياتي الى هذه الشي الذي تسميه حمام فانا لا احتاجه الان.
انا: سوف يكبر حجمك وتصبح اضعاف ما انت عليه الان وتصبح صلبا قويا وينمو لك شاربا ولحيه وتصبح رجلا بالغا.
الجنين: توقف عقلي عن الاستيعاب …. خيال… خيال…. خيال ولكني بدات اخاف من اقوالك وما يخيفيني اكثر الثقه الكبيره التي تتحدث بها.
انا: سوف تسافر بالطائره والسياره وتزرع الارض وتصنع المواد والادوات وتبني وتعمر البيوت وتتزوج وترزق باطفال صغار مثلك الان وبنفس الطريقه وبعدها تهرم وتضعف وتموت كما يموت كل الناس.
عندها اشار الي الجنين ان توقف واشاح براسه واطرق ولم يجب ودخل في صمت طويل.
عندها تركته في صمته ودهشته وتشككه وقلت يا سبحان الله ما اصعب ان يؤمن الانسان بالغيب وان يؤمن بما لم يشاهده ويراه ويختبره، فلو جئنا الى انسان بالغ عاقل يعيش على ظهر هذه الارض ياكل من خيراتها ويشرب ماءها ويعمل نهارها وينام ليلها ولديه اسره واهل واصدقاء وقلنا له غدا ياتيك ملك الموت وياخذ الامانه ويبقي الجسد جثه هامده لا مكان لها الا في القبر تحت التراب وهذا القبر اما روضه من رياض الجنه او حفره من حفر النار لتشكك ولما صدق ولضحك ولقال خيال بخيال ماذا تقول؟ جنه ونار انما نموت نحيا وما يهلكنا الى الدهر والموت هو النهايه ولا شئ بعد الموت الا الفناء والعدم.
ولو قلنا له يا ابن ادم ان هناك يوم اسمه يوم القيامه او البعث يحي الله فيه الموتى ويبعثهم من قبورهم ويحشرهم اليه جميعا وفيه تبدل الارض غير الارض وتفتح ابوب السماء وانه سوف يرى الملائكه والجن وتنكشف عنه الحجب وان الشمس في يوم الحشر هذا سوف تكون فوق رؤوس العباد تماما ولا يشفع في الخلق الا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لياذن الله ببدء الحساب سوف يضحك ساخرا وسوف يقول لك لو سمحت لا تضيع وقتي بهذه القصص الخياليه فالوقت اثمن من ان اضيعه في الاستماع الى مثل هذه الخرافات فانا شخص عملي وواقعي لا اؤمن الا بالعلم وباستخدام العقل في التعامل مع كل الامور وهذا كلام الضعفاء والكسالي الذين دائما يبحثون عن تبرير لفشلهم في هذه الحياه.
ولو قلنا له بان هناك اناس تاخذهم الملائكه وتسحبهم على وجوهم الى جهنم من غير حساب ولا عتاب وان هناك اناس يدخلون الجنه من غير حساب ولا عذاب.
وان لا موت في الدار الاخره وحياة الانسان هناك اما نعيم دائم واما شقاء وعذاب دائم وان اهل النار سوف يلبسون ثيابا من نار وياكلون من شجر الزقوم ويشربون من الحميم وكلما نضجت جلودهم من حرق النار تبدل بجلود جديده حتى يذوقوا العذاب الشديد …… نعم عذاب مقيم …. يبلغ احدهم الموت الاف المرات في اليوم ولا يموت واعظم امنيه هي الموت او شربه ماء نعم شربة ماء.
اكثر خلق الله والذين يتجاوز عددهم ثمانية مليارات نسمه الان والذين كانوا أجنة في بطون امهاتهم ومن قبل ذلك لم يكونوا شيئا مذكورا لن يصدقوا هذا الخبر كما لم يصدق الجنين في بطن امه بان هناك حياة جديده مختلفه في انتظاره وكثير منهم سوف يتهمنا بالتخلف واتباع الاوهام والهروب من الواقع ومعظمهم سوف يقول: هل عندكم دليل على صدق هذه الاخبار….. نحن نقول وبكل ثقه … نعم لدينا الدليل ودليل قطعي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه انه
” القران الكريم” كلام الله المعجز الذي انزله على الصادق الامين محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم بلسان عربي غير ذي عوج والذي يحفظه الله من الضياع او التحريف حيث ورد فيه الوصف الدقيق الواضح لاحوال يوم القيامه والحياة الاخره وعذاب الكفار ونعيم المؤمنين.
” الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما لينذر باسا شديدا من لدنه “
فما زال هذا الكتاب العظيم يتحدى الجن والانس باعجازه وبصدقه واخباره وما زال التحدي قائما حتى هذه اللحظه!!!!
“قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القران لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا”
الحمد لله الذي انعم علينا بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام وبالقران العظيم وجعلنا مسلمين موحدين وبالله وملائكته وكتبه واليوم الاخر والقدر خيره وشره مؤمنين.
اللهم انك انت الحق قولك الحق ووعدك الحق لا مبدل لكلمات ولا راد لقضائك اللهم ان الموت حق والبعث حق والحساب حق والصراط حق والجنه حق والنار حق وعذابك حق ونعيمك حق.
“وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامه والسموات مطويات بيمينه”