“تصبح الحياة أفضل عندما أصبح شابا “، هذا ما يقوله الطفل عندما يكون صغيرا، أما عندما يصبح شابا فإنه يقول بأن السعادة الحقيقية عندما أصبح صاحب حرفه وأجني رزقي بيدي وأستقل.
لا بد أن منتهى الراحة والاستقرار وكمال السعادة عندما أتزوج وأرزق بالولد فأنا لا أستطيع أن أعيش وحيدا هكذا إلى الأبد.
مبروك إنها طفلة جميلة كالبدر، ما شاء الله …. ولكن الله يرحم أيام النوم والراحة فهذا المخلوق الجديد لا ينام ولا ينيم، “يالله كم أشتاق إلى أيام الشباب وكم أشتاق إلى الراحة والحرية”.
كبر الأولاد، أصبحوا شبابا وصبايا يبحثون عن الاستقلال وإثبات الذات وشق طريقهم في الحياة، صراعات وتوافقات وصدامات الأجيال “يالله متى يتزوجون ويتحملون مسؤولية أنفسهم ويستقرون”.
تزوج الأولاد وغادروا البيت وعاد العش خاليا كما بدأ، “يا سلام على الأيام التي كان يعج فيها هذا البيت بالحياة والحركة”.
الأمراض تهاجمنا من صوب وحدب ،وما عادت الصحه كما كانت. “رحم الله أيام الشباب والقوة”.
ولكن أين الجنة؟ وأين الراحة والسعادة؟ هل مرت من أمامنا دون أن نشعر؟ أم ما زلنا بانتظارها أم ماذا؟
لا تتعب نفسك في الانتظار أو البحث عنها فهي حتما ليست هنا! فالإنسان في حياته الدنيا يتقلب بين نعيم لا يدوم و بلاء لا يستمر ،حتى تنتهي المهله ويلقى الله.
تذكر دائما أنك في هذه الحياة الدنيا بكل مراحلها من الشباب إلى الشيخوخة
في اختبار دائم وتحت المراقبة المستمرة، هل تشكر على النعمة والخير وتصبر على البلاء؟ أم تنكر فضل الله وتسخط على قضاءه؟.
“انا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملا”
والله إن الباحث عن الجنة والسعادة في الأرض ما هو إلا شقي جاهل، ضيق الأفق، قصير النظر، ظالم لنفسه، مضيع لفرصته الوحيدة، فهو يفني نصف عمره ويجتهد ويتعب في الحصول على متاع الدنيا، ويفني النصف الآخر من عمره حرصا أو حسرة عليه.
” ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامه اعمى”
إخواني وأخواتي: انتبهوا إلى هذا الأمر ولا تغوصوا عميقا في التفاصيل اليومية: من الأفعال وردود الأفعال، والبحث عن الرزق، وإشباع الحاجات والغرائز والشهوات، وتغفلوا عن الهدف الأساسي من وجودكم ولا تضيعوا الفرصة الوحيدة المتاحة ( الحياه الدنيا) للعوده إلى موطنكم الأصلي (الجنة)، وأجملوا في طلب الدنيا واستعينوا بالصبر، واحرصوا على أن تبقى الدنيا في أيديكم وإياكم أن تدخل قلوبكم وإياكم واتباع خطوات الشيطان والوقوع في مكائده؛ فهذا القلب إن لم يعمره الإيمان عمره الشيطان فلا تتركوه للشيطان.
“لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد”
لا تغامر ولا تقامر بمستقبلك! ولا يغرنك ضلال أكثر أهل الأرض من الغافلين اللاهين اللاهثين وراء السراب، فلا وربك لا يمكنك توطين السعادة ولا تدجينها في الأرض؛ لأن كل مقوماتها إلى تحول وزوال بدءا من الباحث عنها القاصد لها، وانتهاء بجميع عناصرها.
“اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا واجعل الجنه مالنا ومصيرنا واغفر لنا وارحمنا أنت ولينا في الدنيا والآخرة”.